فصل: (كِتَابُ الْعِتْقِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الجوهرة النيرة (نسخة منقحة)



.(مَسْأَلَةٌ):

إذَا قِيلَ لَك مَا الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الْأُمَّ أَشْفَقُ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ الْأَبِ وَهُوَ خُلِقَ مِنْ مَائِهِمَا جَمِيعًا فَالْجَوَابُ إنَّ مَاءَ الْأُمِّ مِنْ قُدَّامِهَا مِنْ بَيْنِ تَرَائِبِهَا قَرِيبًا مِنْ الْقَلْبِ الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ الشَّفَقَةِ وَمَحِلُّ الْمَحَبَّةِ وَالْأَبُ يَخْرُجُ مَاؤُهُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ مِنْ الصُّلْبِ وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ الْقَلْبِ الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ فَإِنْ قِيلَ وَمَا الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الْوَلَدَ يُنْسَبُ إلَى الْأَبِ دُونَ الْأُمِّ قِيلَ؛ لِأَنَّ مَاءَ الْأُمِّ يُخْلَقُ مِنْهُ الْحُسْنُ فِي الْوَلَدِ وَالسِّمَنُ وَالْهُزَالُ وَالشَّعْرُ وَاللَّحْمُ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَا تَدُومُ فِي الْوَلَدِ بَلْ تَزُولُ وَتَتَغَيَّرُ وَتَذْهَبُ وَمَاءُ الرَّجُلِ يُخْلَقُ مِنْهُ الْعَظْمُ وَالْعَصَبُ وَالْعُرُوقُ وَالْمَفَاصِلُ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَا تَزُولُ مِنْهُ وَلَا تُفَارِقُهُ إلَى أَنْ يَمُوتَ.
قَوْلُهُ: (وَكُلّ مَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْ هَؤُلَاءِ سَقَطَ حَقُّهَا) أَيْ تَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ مِنْ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُ تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا وَتَصِيرُ كَالْمَيِّتَةِ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ يَلْحَقُهُ الْجَفَاءُ مِنْ زَوْجِ أُمِّهِ إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا؛ لِأَنَّهُ يَنْظُرُ إلَيْهِ شَزْرًا وَيُعْطِيهِ نَزْرًا الشَّزْرُ نَظَرُ الْغَضْبَانِ بِمُؤَخِّرِ الْعَيْنِ وَالنَّزْرُ الشَّيْءُ الْقَلِيلُ جِدًّا وَكُلُّ مَنْ سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ هَؤُلَاءِ بِالتَّزْوِيجِ فَمَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا أَوْ أَبَانَهَا عَادَ حَقُّهَا لِزَوَالِ الْمَانِعِ.
قَوْلُهُ: (إلَّا الْجَدَّةَ إذَا كَانَ زَوْجُهَا الْجَدَّ) وَصُورَتُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ لَهُ أَبٌ بِمَنْ لَهَا أُمٌّ فَتَأْتِيَ بِوَلَدٍ فَتَمُوتَ الزَّوْجَةُ فَحَضَانَتُهَا لِأُمِّهَا فَإِذَا تَزَوَّجَتْ سَقَطَ حَقُّهَا إلَّا أَنْ تَتَزَوَّجَ جَدَّ الطِّفْلِ الَّذِي هُوَ أَبُو زَوْجِ بِنْتِهَا وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ عَمَّ الطِّفْلِ أَوْ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ. مِنْهُ مِمَّنْ لَهُ حَضَانَتُهُ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا لِقِيَامِ الشَّفَقَةِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِهِ وَاخْتَصَمَ فِيهِ الرِّجَالُ فَأَوْلَاهُمْ بِهِ أَقْرَبُهُمْ تَعْصِيبًا) وَكَذَا إذَا اسْتَغْنَى الصَّبِيُّ بِنَفْسِهِ أَوْ بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ فَالْعَصَبَات أَوْلَى بِهِمَا عَلَى التَّرْتِيبِ فِي الْقَرَابَةِ وَالْأَقْرَبُ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأَبِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ وَإِذَا اجْتَمَعَ مُسْتَحِقُّو الْحَضَانَةِ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَوْرَعُهُمْ أَوْلَى ثُمَّ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا وَلَا حَقَّ لِابْنِ الْعَمِّ وَابْنِ الْخَالِ فِي كَفَالَةِ الْجَارِيَةِ وَلَهُمَا حَقٌّ فِي كَفَالَةِ الْغُلَامِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَحْرَمٍ لَهَا فَلَا يُؤْمَنَانِ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ: (وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ أَحَقُّ بِالْغُلَامِ حَتَّى يَأْكُلَ وَحْدَهُ وَيَشْرَبَ وَحْدَهُ وَيَلْبَسَ وَحْدَهُ وَيَسْتَنْجِيَ وَحْدَهُ) قَدَّرَهُ الْخَصَّافُ بِسَبْعِ سِنِينَ اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِنْجَاءِ أَنْ يُطَهِّرَ نَفْسَهُ مِنْ النَّجَاسَاتِ؛ لِأَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ وَفِي الْخُجَنْدِيِّ قَالَ وَالْأُمُّ وَالْجَدَّاتُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ أَحَقُّ بِالْغُلَامِ وَهُنَا بِلَفْظِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُنَّ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَفِي الْكَرْخِيِّ وَالْأُمُّ وَالْجَدَّتَانِ وَلِأَنَّ الْوَلَدَ إذَا بَلَغَ هَذَا الْمَبْلَغَ اسْتَغْنَى عَنْ قِيَامِ النِّسَاءِ وَاحْتَاجَ إلَى التَّأْدِيبِ وَالتَّخَلُّقِ بِأَخْلَاقِ الرِّجَالِ وَالْأَبُ أَقْدَرُ عَلَى التَّأْدِيبِ وَالتَّثْقِيفِ.
قَوْلُهُ: (وَبِالْجَارِيَةِ حَتَّى تَحِيضَ) وَعَنْ مُحَمَّدٍ حَتَّى تَبْلُغَ حَدَّ الشَّهْوَةِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ لَا تُشْتَهَى مَا لَمْ تَبْلُغْ سَبْعَ سِنِينَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمَنْ بَلَغَ مَعْتُوهًا كَانَ عِنْدَ الْأُمِّ سَوَاءٌ كَانَ ابْنًا أَوْ بِنْتًا قَالَ الْخُجَنْدِيُّ إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ بِنْتٌ بَالِغَةٌ وَطَلَبَتْ الِانْفِرَادَ مِنْهُ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَهِيَ مَأْمُونَةٌ عَلَى نَفْسِهَا وَلَهَا رَأْيٌ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ ضَمَّهَا إلَى نَفْسِهِ وَإِنْ كَرِهَتْ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ بِكْرًا فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الِانْفِرَادِ وَإِنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً وَإِذَا اخْتَلَفَ الْأُمُّ وَالْأَبُ فِي الْوَلَدِ لَمْ يُخَيَّرْ قَبْلَ الْبُلُوغِ عِنْدَنَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُخَيَّرُ الْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ إذَا عَقَلَا التَّخْيِيرَ لَنَا أَنَّ مَصَالِحَ الصَّغِيرِ لَا يُرْجَعُ فِيهَا إلَى اخْتِيَارِهِ كَمَصَالِحِ مَالِهِ وَلِأَنَّهُ يَخْتَارُ مَنْ يُخْلِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّعِبِ وَيَتْرُكُ تَأْدِيبَهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ النَّظَرُ وَأَمَّا مَا رُوِيَ «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إنَّ هَذَا يُرِيدُ أَنْ يَنْتَزِعَ ابْنَهُ مِنِّي وَإِنَّهُ قَدْ نَفَعَنِي وَسَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عُتْبَةَ فَقَالَ اسْتَهِمَا عَلَيْهِ فَقَالَ الرَّجُلُ مَنْ يُشَاقُّنِي فِي ابْنِي فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلْغُلَامِ اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْت فَاخْتَارَهَا فَأَعْطَاهَا إيَّاهُ» فَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ اهْدِهِ» فَوُفِّقَ لِاخْتِيَارِهِ إلَّا نَظَرَ بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ بَالِغٌ؛ لِأَنَّهَا قَالَتْ نَفَعَنِي أَيْ اكْتَسَبَ عَلَيَّ وَقِيلَ إنَّ بِئْرَ أَبِي عُتْبَةَ لَا يُمْكِنُ الصَّغِيرَ الِاسْتِسْقَاءُ مِنْهَا قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ الصَّغِيرَ مِنْ أُمِّهِ وَيُسَافِرَ بِهِ قَبْلَ بُلُوغِ الْحَدِّ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ فِيهِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَهُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ سِوَى الْأُمِّ وَالْجَدَّةِ أَحَقُّ بِالْجَارِيَةِ حَتَّى تَبْلُغَ حَدًّا تُشْتَهَى)؛ لِأَنَّ حَقَّ هَؤُلَاءِ لَا يَسْتَحِقُّ بِالْوِلَادَةِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُمْ مَا دَامَ الصَّغِيرُ يَحْتَاجُ إلَى الْحَضَانَةِ فَإِذَا اسْتَغْنَى عَنْهَا زَالَ ذَلِكَ الْمَعْنَى.
قَوْلُهُ: (وَالْأَمَةُ إذَا أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا وَأُمُّ الْوَلَدِ إذَا أُعْتِقَتْ فَهِيَ فِي الْوَلَدِ كَالْحُرَّةِ) يَعْنِي فِي الْحَضَانَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِلْأَمَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ قَبْلَ الْعِتْقِ حَقٌّ فِي الْوَلَدِ)؛ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ ضَرْبٌ مِنْ الْوِلَايَةِ وَلَا حَقَّ لِلْإِمَاءِ فِي الْوِلَايَةِ وَلِأَنَّ مَنَافِعَهُمَا عَلَى مِلْكِ الْمَوْلَى وَبِالِاشْتِغَالِ بِالْحَضَانَةِ تَنْقَطِعُ خِدْمَةُ الْمَوْلَى ثُمَّ الْمَوْلَى إذَا أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ وَلَهَا مِنْهُ وَلَدٌ فَهِيَ أَوْلَى بِحَضَانَتِهِ.
قَوْلُهُ: (وَالذِّمِّيَّةُ أَحَقُّ بِوَلَدِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْمُسْلِمِ مَا لَمْ يَعْقِلْ الْأَدْيَانَ وَيُخَافُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْلَفَ الْكُفْرَ) سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَصُورَتُهُ أَنْ يُسْلِمَ الزَّوْجُ فَتَقَعَ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ عِنْدَهُ فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ يَعْقِلْ الْأَدْيَانَ؛ لِأَنَّهُ مَتَى عَقَلَ عَوَّدَتْهُ أَخْلَاقَ الْكُفْرِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا أَرَادَتْ الْمُطَلَّقَةُ أَنْ تَخْرُجَ بِوَلَدِهَا مِنْ الْمِصْرِ فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ إلَّا أَنْ تُخْرِجَهُ إلَى وَطَنِهَا وَقَدْ كَانَ الزَّوْجُ تَزَوَّجَهَا فِيهِ)؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا تَزَوَّجَ فِي بَلَدِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقِيمُ فِيهِ فَقَدْ الْتَزَمَ لَهَا الْمُقَامَ فِي بَلَدِهَا وَإِذَا أَرَادَتْ أَنْ تَنْقُلَهُ إلَى بَلَدِهَا وَقَدْ وَقَعَ النِّكَاحُ فِي غَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ الْمُقَامَ فِي بَلَدِهَا فَلَا يَجُوزُ لَهَا التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِ الْتِزَامِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَيْضًا أَنْ تَنْقُلَهُ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي تَزَوَّجَهَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ دَارُ غُرْبَةٍ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ تَفَاوُتٌ أَمَّا إذَا تَقَارَبَا بِحَيْثُ يُمْكِنُ الْأَبَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى وَلَدِهِ وَيَبِيتَ فِي بَيْتِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ.
قَوْلُهُ: (وَعَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى أَبَوَيْهِ وَأَجْدَادِهِ وَجَدَّاتِهِ إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ وَإِنْ خَالَفُوهُ فِي دِينِهِ) وَيَعْتَبِرَ فِيهِمْ الْفَقْرَ وَلَا تَعْتَبِرَ الزَّمَانَةَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ فَإِنْ كَانَ الِابْنُ فَقِيرًا وَالْأَبُ فَقِيرًا إلَّا أَنَّهُ صَحِيحُ الْبَدَنِ لَمْ يُجْبَرْ الِابْنُ عَلَى نَفَقَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ زَمِنًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ فَإِنَّهُ يُشَارِكُ الِابْنَ فِي نَفَقَتِهِ وَأَمَّا الْأُمُّ إذَا كَانَتْ فَقِيرَةً فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الِابْنَ نَفَقَتُهَا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، وَهِيَ غَيْرُ زَمِنَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ وَإِذَا كَانَ الِابْنُ يَقْدِرُ عَلَى نَفَقَةِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا فَالْأُمُّ أَحَقُّ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَبُ أَحَقُّ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الِابْنِ فِي صِغَرِهِ دُونَ الْأُمِّ وَقِيلَ يَقْسِمُهَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ لِلرَّجُلِ أَبٌ وَابْنٌ صَغِيرٌ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى نَفَقَةِ أَحَدِهِمَا فَالِابْنُ أَحَقُّ وَقِيلَ يُجْعَلُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى نَفَقَةِ أَحَدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّهُمَا يَأْكُلَانِ مَعَهُ مَا أَكَلَ وَإِنْ احْتَاجَ الْأَبُ إلَى زَوْجَةٍ وَالِابْنُ مُوسِرٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُزَوِّجَهُ أَوْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً وَيَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا كَمَا يَجِبُ نَفَقَةُ الْأَبِ وَكِسْوَتُهُ فَإِنْ كَانَ لِلْأَبِ أُمُّ وَلَدٍ لَزِمَ الِابْنَ نَفَقَتُهَا أَيْضًا وَإِنْ كَانَ لِلْأَبِ زَوْجَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ لَمْ يَلْزَمْ الِابْنَ إلَّا نَفَقَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَدْفَعُهَا إلَى الْأَبِ وَهُوَ يُوَزِّعُهَا عَلَيْهِنَّ وَقَوْلُهُ وَإِنْ خَالَفُوهُ فِي دِينِهِ يَعْنِي إذَا كَانَا ذِمِّيَّيْنِ أَمَّا إذَا كَانَا حَرْبِيَّيْنِ لَا يَجِبُ وَإِنْ كَانَا مُسْتَأْمِنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ بِرِّ مَنْ يُقَاتِلُنَا فِي الدِّينِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَجِبُ نَفَقَةٌ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ إلَّا لِلزَّوْجَةِ وَالْأَبَوَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَالْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ) وَلَا تَجِبُ عَلَى النَّصْرَانِيِّ نَفَقَةُ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَلَا عَلَى الْمُسْلِمِ نَفَقَةُ أَخِيهِ النَّصْرَانِيِّ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْإِرْثِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} بِخِلَافِ الْعِتْقِ عِنْدَ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْقَرَابَةِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ عَتَقَ عَلَيْهِ».
قَوْلُهُ: (وَلَا يُشَارِكُ الْوَلَدَ فِي نَفَقَةِ أَبَوَيْهِ أَحَدٌ) مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَبٌ غَنِيٌّ وَابْنٌ غَنِيٌّ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الِابْنِ دُونَ الْأَبِ؛ لِأَنَّ مَالَ الِابْنِ مُضَافٌ إلَى الْأَبِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» وَهِيَ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ بِالسَّوِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَشْمَلُهُمَا، وَلَوْ كَانَ لَهُ ابْنٌ وَابْنُ ابْنٍ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الِابْنِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ وَإِنْ كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا فَنَفَقَةُ هَؤُلَاءِ تُقَدَّرُ فِي مَالِهِ.
قَوْلُهُ: (وَالنَّفَقَةُ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ إذَا كَانَ صَغِيرًا فَقِيرًا أَوْ كَانَتْ امْرَأَةٌ بَالِغَةً فَقِيرَةَ أَوْ كَانَ ذَكَرًا زَمِنًا أَوْ أَعْمَى فَقِيرًا أَوْ مَجْنُونًا فَقِيرًا فَيَجِبُ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ إلَّا لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَوْلَادِ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ الْحَاجَةِ وَالصِّغَرِ وَالْأُنُوثَةِ وَالزَّمَانَةِ وَالْعَمَى لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ عَنْ الْكَسْبِ بِخِلَافِ الْأَبَوَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُمَا تَعَبُ الْكَسْبِ وَالِابْنُ مَأْمُورٌ بِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمَا فَتَجِبُ نَفَقَتُهُمَا مَعَ قُدْرَتِهِمَا عَلَى الْكَسْبِ وَلَا تَجِبُ نَفَقَةُ ذَوِي الْأَرْحَامِ إلَّا عَلَى الْغَنِيِّ؛ لِأَنَّهَا صِلَةٌ فَإِذَا كَانَ فَقِيرًا فَهُوَ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى صِلَةِ الرَّحِمِ وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْغَنِيِّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ مُقَدَّرٌ بِالنِّصَابِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ بِمَا يَفْضُلُ عَنْ نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ شَهْرًا وَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ النِّصَابِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُعْتَبَرٌ فِي حُقُوقِ اللَّهِ الْمَالِيَّةِ، وَهَذَا حَقٌّ آدَمِيٌّ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ النِّصَابُ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِمْكَانُ.
قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ) كَمَا إذَا كَانَ لَهُ جَدٌّ وَابْنُ ابْنٍ فَعَلَى الْجَدِّ سُدُسُ النَّفَقَةِ وَالْبَاقِي عَلَى ابْنِ الِابْنِ وَإِنْ كَانَ لَهُ أُمٌّ وَأَخٌ أَوْ أُمٌّ وَعَمٌّ فَعَلَى الْأُمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي عَلَى الْأَخِ إذَا كَانَ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ، وَلَوْ كَانَ لِلرَّجُلِ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ مُتَفَرِّقُونَ وَلَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ مُعْسِرٌ أَوْ كَبِيرٌ زَمِنٌ فَنَفَقَتُهُ عَلَى أَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَعَلَى أَخِيهِ مِنْ أُمِّهِ أَسْدَاسًا وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ عَلَى الْأَخِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ خَاصَّةً، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا زَمِنًا وَلَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ وَلَهُ أَخٌ مُوسِرٌ فُرِضَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى عَمِّهِ وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ مُعْسِرًا وَلَهُ زَوْجَةٌ وَلِلزَّوْجَةِ أَخٌ مُوسِرٌ أُجْبِرَ أَخُوهَا عَلَى نَفَقَتِهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى الزَّوْجِ يَتْبَعُهُ بِهِ إذَا أَيْسَرَ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يُشَارِكُهُ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ أَحَدٌ، وَلَوْ كَانَ لِلرَّجُلِ عَمٌّ وَخَالٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْعَمِّ؛ لِأَنَّهُ وَارِثٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ خَالٌ وَابْنُ عَمٍّ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْخَالِ؛ لِأَنَّهُ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَمَّةٌ وَخَالَةً وَابْنُ عَمٍّ فَعَلَى الْخَالَةِ الثُّلُثُ وَعَلَى الْعَمَّةِ الثُّلُثَانِ؛ لِأَنَّ رَحِمَ ابْنِ الْعَمِّ غَيْرُ كَامِلٍ وَإِذَا كَانَ لَهُ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ وَابْنُ عَمٍّ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْأَخَوَاتِ أَخْمَاسًا عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ مُتَفَرِّقُونَ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْأَخِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَعَلَى الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ أَسْدَاسًا؛ لِأَنَّ الْأَخَ مِنْ الْأَبِ لَا يَرِثُ مَعَهُمَا.
قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ نَفَقَةُ الِابْنِ الزَّمِنِ وَالِابْنَةِ الْبَالِغَةِ عَلَى الْأَبَوَيْنِ ثَلَاثًا عَلَى الْأَبِ الثُّلُثَانِ وَعَلَى الْأُمِّ الثُّلُثُ) اعْتِبَارًا لِلْمِيرَاثِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْخَصَّافِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كُلُّ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ) لِبُطْلَانِ أَهْلِيَّةِ الْإِرْثِ وَالضَّمِيرُ فِي نَفَقَتِهِمْ رَاجِعٌ إلَى غَيْرِ الِابْنَةِ الْبَالِغَةِ وَالِابْنِ الزَّمِنِ كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ وَيُجْبَرُ الْكَافِرُ عَلَى نَفَقَةِ ابْنَتِهِ الْمُسْلِمَةِ وَيُجْبَرُ الْمُسْلِمُ عَلَى نَفَقَةِ ابْنَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ وَوَجْهُهُ أَنَّ هَذَا لِرَحِمٍ مُتَأَكِّدٍ فَتَجِبُ صِلَتُهُ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَجِبُ عَلَى فَقِيرٍ)؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ صِلَةً وَالْفَقِيرُ يَسْتَحِقُّهَا عَلَى غَيْرِهِ فَكَيْفَ تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَقَدْ قَالُوا إنَّ الْعَبْدَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا يَدَ وَلِأَنَّ إكْسَابَهُ لِمَوْلَاهُ وَكَذَا لَا تَجِبُ عَلَى الْحُرِّ نَفَقَةُ وَلَدِهِ الْمَمْلُوكِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا كَانَ لِلِابْنِ الْغَائِبِ مَالٌ قُضِيَ فِيهِ بِنَفَقَةِ أَبَوَيْهِ) وَلَا يُنْفَقُ مِنْ مَالِ الْغَائِبِ إلَّا عَلَى الْأَبَوَيْنِ وَالزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَلِلْأَبِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الِابْنِ الْغَائِبِ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا؛ لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةَ مِلْكٍ فِي مَالِهِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ بَاعَ أَبَوَاهُ مَتَاعَهُ فِي نَفَقَتِهِمَا جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَإِنَّمَا يَتَوَلَّى الْبَيْعَ الْأَبُ دُونَ الْأُمِّ أَمَّا الْأُمُّ إذَا انْفَرَدَتْ لَا تَتَوَلَّاهُ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ لِانْقِطَاعِهَا بِالْبُلُوغِ وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ إنَّ الْقَاضِيَ لَا يَبِيعُ لِلْأَبِ الْعُرُوضَ وَلَكِنْ لَا يَتَعَرَّضُ عَلَيْهِ فِي بَيْعِهَا.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ بَاعَ الْعَقَارَ لَمْ يَجُزْ) يَعْنِي بِالْإِجْمَاعِ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا كَانَ لِلِابْنِ الْغَائِبِ مَالٌ فِي يَدِ أَبَوَيْهِ فَأَنْفَقَا مِنْهُ لَمْ يَضْمَنَا)؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوْفَيَا حَقَّهُمَا.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِمَا مِنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي ضَمِنَ)؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ وِلَايَةٍ فَلَزِمَهُ الضَّمَانُ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي لِلْوَلَدِ وَالْوَالِدَيْنِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ بِالنَّفَقَةِ فَمَضَتْ مُدَّةٌ سَقَطَتْ)؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمْ تَجِبُ كِفَايَةً لِلْحَاجَةِ حَتَّى لَا تَجِبَ مَعَ الْيَسَارِ وَقَدْ حَصَلَتْ الْكِفَايَةُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ إذَا قَضَى بِهَا؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ مَعَ يَسَارِهَا فَلَا تَسْقُطُ.
قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَأْذَنَ الْقَاضِي فِي الِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ)؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةً عَلَيْهِ فَصَارَ إذْنُهُ كَأَمْرِ الْغَائِبِ فَيَصِيرُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَكَانَ لَهُمْ الرُّجُوعُ بِهِ، وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا صَغِيرًا أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَرَابَةٌ أَغْنِيَاءُ.
قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْمَوْلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الْمَمَالِيكِ «إنَّهُمْ إخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ وَلَا تُعَذِّبُوا عِبَادَ اللَّهِ» وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْقِنُّ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا مَرْهُونًا أَوْ مُؤْجَرًا وَيَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى شِرَاءُ الْمَاءِ لِلطَّهَارَةِ لِرَقِيقِهِ وَلَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْمُكَاتَبِ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَبِيدٌ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمْ فِي الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ وَالْكِسْوَةِ وَتَكُونُ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ وَإِدَامِهِ وَإِذَا وَلَدَتْ أَمَتُهُ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى إرْضَاعِ الْوَلَدِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا وَمَنَافِعَهَا لَهُ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ الْوَلَدَ إلَى غَيْرِهَا وَأَرَادَتْ هِيَ إرْضَاعَهُ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَقَدْ يُرِيدُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا أَوْ خِدْمَتَهَا وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْرِيقًا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ امْتَنَعَ وَكَانَ لَهُمَا كَسْبٌ اكْتَسَبَا وَأَنْفَقَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا)؛ لِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا لِلْجَانِبَيْنِ بَقَاءَ الْمَمْلُوكِ حَيًّا وَبَقَاءَ مِلْكِ الْمَالِكِ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَفِ كَسْبَهُمَا بِنَفَقَتِهِمَا فَالْبَاقِي عَلَى الْمَوْلَى وَإِذَا امْتَنَعَ الْمَوْلَى مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْعَبْدِ فَلِلْعَبْدِ أَنْ يَأْخُذَ بِيَدِهِ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى وَيَأْكُلَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُكْتَسِبًا فَإِنْ كَانَ مُكْتَسِبًا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا فَامْتَنَعَ أَحَدُهُمَا أَنْفَقَ الثَّانِي وَرَجَعَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا كَسْبٌ أُجْبِرَ الْمَوْلَى عَلَى نَفَقَتِهِمَا أَوْ بَيْعِهِمَا) وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ زَمِنًا وَالْجَارِيَةُ لَا يُؤَجَّرُ مِثْلُهَا؛ لِأَنَّ فِي بَيْعِهِمَا إيفَاءَ حَقِّهِمَا وَحَقِّ الْمَوْلَى بِالْعِوَضِ وَلَا يَجُوزُ لِلْمَوْلَى تَكْلِيفُ الْعَبْدِ مَا لَا يُطِيقُ مِنْ الْعَمَلِ وَيُسْتَحَبُّ إذَا اسْتَخْدَمَهُ نَهَارًا أَنْ يَتْرُكَهُ لَيْلًا وَكَذَا بِالْعَكْسِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ بِالْقَيْلُولَةِ فِي أَيَّامِ الصَّيْفِ إذَا أَعْيَا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَعَلَى الْعَبْدِ بَذْلُ الْمَجْهُودِ فِي الْخِدْمَةِ وَالنَّصِيحَةِ وَتَرَكَ الْكَسَلِ وَمَنْ مَلَكَ بَهِيمَةً لَزِمَهُ عَلْفُهَا وَسَقْيُهَا فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا إلَّا أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِهِ دِيَانَةً فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى طَرِيقِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ إمَّا بِالْإِنْفَاقِ وَإِمَّا بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِ الْإِنْفَاقِ تَعْذِيبًا لَهَا وَقَدْ «نَهَى النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ» وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَيُكْرَهُ الِاسْتِقْصَاءُ فِي حَلْبِ الْبَهِيمَةِ إذَا كَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ بِهَا لِقِلَّةِ الْعَلَفِ وَيُكْرَهُ تَرْكُ الْحَلْبِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِالْبَهِيمَةِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُصَّ الْحَالِبَ أَظْفَارَهُ لِئَلَّا يُؤْذِيَهَا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ لَبَنِهَا إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَلَدِهَا مَا دَامَ لَا يَأْكُلُ غَيْرُهُ وَيُكْرَهُ تَكْلِيفُ الدَّابَّةِ مَا لَا تُطِيقُهُ مِنْ تَثْقِيلِ الْحِمْلِ وَإِدَامَةِ السَّيْرِ وَغَيْرِهِ وَكَذَا إذَا كَانَ لَهُ نَحْلٌ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُبْقِيَ لَهَا فِي كُورَاتِهَا شَيْئًا مِنْ الْعَسَلِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُون ذَلِكَ فِي الشِّتَاءِ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ فِي أَيَّامِ الشِّتَاءِ وَإِنْ قَامَ شَيْءٌ بِغَدَائِهَا مَقَامَ الْعَسَلِ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ إبْقَاءُ الْعَسَلِ، وَلَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَامْتَنَعَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا أُجْبِرَ عَلَى ذَلِكَ.

.(مَسْأَلَةٌ):

قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا فَجَاءَ رَجُلٌ إلَيْهَا، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَقَالَ لَهَا: أَنَا أُنْفِقُ عَلَيْك مَا دُمْت فِي الْعِدَّةِ بِشَرْطِ أَنْ أَتَزَوَّجَك إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُك فَرَضِيَتْ فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا حَتَّى مَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ أَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ، وَهَذَا إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِهَذَا الشَّرْطِ أَمَّا إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهَا التَّزْوِيجَ لَكِنْ عَلِمَتْ بِهِ عُرْفًا أَنَّهُ أَنْفَقَ لِذَلِكَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ - وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

.(كِتَابُ الْعِتْقِ):

الْعِتْقُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْقُوَّةُ لِأَنَّهُ إزَالَةُ الضَّعْفِ وَهُوَ الرِّقُّ وَإِثْبَاتُ الْقُوَّةِ الْحُكْمِيَّةِ وَهِيَ الْحُرِّيَّةُ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْحُرِّيَّةُ قُوَّةً حُكْمِيَّةً لِأَنَّ بِهَا يَظْهَرُ سُلْطَانُ الْمَالِكِيَّةِ وَنَفَاذُ الْوِلَايَةِ، وَالشَّهَادَةِ إذْ الْمَمْلُوكُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ}، وَفِي الشَّرْعِ: عِبَارَةٌ عَنْ إسْقَاطِ الْمَوْلَى حَقَّهُ عَنْ مَمْلُوكِهِ بِوَجْهٍ يَصِيرُ بِهِ مِنْ الْأَحْرَارِ، وَالْإِعْتَاقُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَعْتَقَ مُؤْمِنًا فِي الدُّنْيَا أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ»؛ وَلِهَذَا اسْتَحْسَنُوا أَنْ يَعْتِقَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ، وَالْمَرْأَةُ الْأَمَةَ لِتَحَقُّقِ مُقَابَلَةِ الْأَعْضَاءِ.
«وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الرِّقَابِ خَيْرٌ قَالَ: أَعْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا».
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (الْعِتْقُ يَصِحُّ مِنْ الْحُرِّ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ) فِي مِلْكِهِ بِشَرْطِ الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ وَلَا مِلْكَ لِلْمَمْلُوكِ وَشَرْطُ الْبُلُوغِ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ لِكَوْنِهِ ضَرَرًا ظَاهِرًا؛ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُهُ الْوَلِيُّ عَلَيْهِ وَشَرْطُ الْعَقْلِ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ، وَكَذَا إذَا قَالَ الصَّبِيُّ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ إذَا احْتَلَمَتْ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِقَوْلٍ مُلْزِمٍ وَإِنَّمَا شُرِطَ أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ».
قَوْلُهُ: (وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ أَوْ لِأَمَتِهِ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ عَتِيقٌ أَوْ مُعْتَقٌ أَوْ مُحَرَّرٌ أَوْ قَدْ حَرَّرْتُك أَوْ أَعْتَقْتُك فَقَدْ عَتَقَ نَوَى الْمَوْلَى الْعِتْقَ أَوْ لَمْ يَنْوِ)؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ صَرِيحٌ فِيهِ فَأَغْنَى عَنْ نِيَّتِهِ قَالَ فِي الْكَرْخِيِّ الصَّرِيحُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ إخْبَارٍ كَقَوْلِهِ: قَدْ أَعْتَقْتُك أَوْ حَرَّرْتُك وَصِفَةٍ كَقَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ عَتِيقٌ وَنِدَاءٌ كَقَوْلِهِ يَا حُرُّ يَا عَتِيقُ يَا مُعْتَقُ فَإِنْ قَالَ: نَوَيْت أَنَّهُ حُرٌّ مِنْ الْعَمَلِ أَوْ نَوَيْت الْكَذِبَ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْقَضَاءِ وَيُصَدَّقُ دِيَانَةً وَإِنْ قَالَ: يَا حُرُّ، وَاسْمُهُ حُرُّ لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّ مُرَادَهُ الِاسْتِحْضَارُ بِاسْمٍ عَلِمَهُ، وَلَوْ زَاحَمَتْهُ امْرَأَةٌ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ تَأَخَّرِي يَا حُرَّةُ فَبَانَتْ أَمَتَهُ لَا تُعْتَقُ، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ قُلْ لِمَنْ اسْتَقْبَلَك أَنَا حُرٌّ فَقَالَ الْعَبْدُ ذَلِكَ عَتَقَ إلَّا إذَا قَالَ لَك سَمَّيْتُك حُرًّا حِينَئِذٍ لَا يَعْتِقُ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ هَذَا فِي الْقَضَاءِ أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ لَا يَعْتِقُ فِي الْوَجْهَيْنِ إذَا أَرَادَ بِهِ الْكَذِبَ، وَلَوْ قَالَ لِمَنْ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ: قُلْ لِعَبْدِك أَنْتَ حُرٌّ فَقَالَ ذَلِكَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ عِتْقٌ عَتَقَ فِي الْقَضَاءِ وَلَا يَعْتِقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَكَذَا فِي الطَّلَاقِ، وَلَوْ أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ الْعِتْقُ عَتَقَ، وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ لِمَوْلَاهُ وَهُوَ مَرِيضٌ: أَنَا حُرٌّ ؟ فَحَرَّكَ رَأْسَهُ أَيْ نَعَمْ لَا يَعْتِقُ وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: نَسَبُك حُرٌّ أَوْ أَصْلُك حُرٌّ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَسْبِيٌّ لَا يَعْتِقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْبِيًّا عَتَقَ.
وَفِي الْوَاقِعَاتِ لَا يَعْتِقُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ أَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ فَتَهَجَّى ذَلِكَ إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، وَالْعِتْقَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا وَلَمْ يَجْعَلُوهُ صَرِيحًا.
قَوْلُهُ: (وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: رَأْسُك حُرٌّ أَوْ وَجْهُك أَوْ رَقَبَتُك أَوْ بَدَنُك) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَإِنْ قَالَ: رَأْسُك رَأْسُ حُرٍّ أَوْ وَجْهُك وَجْهُ حُرٍّ أَوْ بَدَنُك بَدَنُ حُرٍّ بِالْإِضَافَةِ لَا يَعْتِقُ وَكَذَا إذَا قَالَ مِثْلُ رَأْسِ حُرٍّ أَوْ مِثْلُ وَجْهِ حُرٍّ أَوْ مِثْلُ بَدَنِ حُرٍّ لَا يَعْتِقُ وَإِنْ قَالَ رَأْسُك رَأْسُ حُرٍّ أَوْ وَجْهُك وَجْهٌ حُرٌّ أَوْ بَدَنُك بَدَنٌ حُرٌّ بِالتَّنْوِينِ عَتَقَ لِأَنَّ هَذَا وَصْفٌ وَلَيْسَ بِتَشْبِيهٍ وَكَذَا إذَا قَالَ: فَرْجُك فَرْجٌ حُرٌّ بِالتَّنْوِينِ عَتَقَتْ لِمَا ذَكَرْنَا.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ فَرْجُك حُرٌّ) عَتَقَتْ لِأَنَّ الْفَرْجَ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ، وَفِي الدُّبُرِ، وَالِاسْتِ رِوَايَتَانِ، وَالصَّحِيحُ لَا تَعْتِقُ وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ ذَكَرُك حُرٌّ أَوْ فَرْجُك حُرٌّ فَالصَّحِيحُ لَا يَعْتِقُ، وَفِي الدَّمِ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا الْعِتْقُ وَإِنْ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى عُضْوٍ لَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ لَا يَعْتِقُ مِثْلُ يَدِك حُرٌّ أَوْ رِجْلُك أَوْ سَاقَك أَوْ فَخِذُك أَوْ شَعْرُك لَمْ يَعْتِقْ وَإِنْ نَوَى.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ: لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك وَنَوَى بِهِ الْحُرِّيَّةَ عَتَقَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ يَعْتِقْ وَكَذَلِكَ كِنَايَاتُ الْعِتْقِ) مِثْلُ خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِي وَلَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك وَلَا رِقَّ لِي عَلَيْك وَخَلَّيْت سَبِيلَك لِأَنَّ كُلَّ لَفْظٍ مِنْ هَذَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ فَقَوْلُهُ: خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِي يَحْتَمِلُ بِالْبَيْعِ وَبِالْعِتْقِ وَلَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك لِأَنَّك وَفَّيْت بِالْخِدْمَةِ فَلَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك بِاللَّوْمِ، وَالْعُقُوبَةِ وَيَحْتَمِلُ لِأَنَّك مُعْتَقٌ وَكَذَا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: قَدْ أَطْلَقْتُك وَنَوَى الْعِتْقَ عَتَقَتْ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي زَوَالَ الْيَدِ وَقَدْ نَزَلَ يَدُهُ عَنْهَا بِالْعِتْقِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مِثْلُ خَلَّيْت سَبِيلَك، وَلَوْ قَالَ لَهَا: طَلَّقْتُك وَنَوَى الْعِتْقَ لَمْ تَعْتِقْ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُزِيلُ الْيَدَ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَالرِّقُّ يَجْتَمِعُ مَعَ التَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِي أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ جَارِيَةً قَدْ وَطِئَ أُمَّهَا أَوْ بِنْتَهَا فَلَمْ يَكُنْ التَّحْرِيمُ دَلَالَةً عَلَى الْعِتْقِ وَإِنْ قَالَ: فَرْجُك عَلَيَّ حَرَامٌ يُرِيدُ الْعِتْقَ لَمْ تَعْتِقْ لِمَا ذَكَرْنَا.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ: لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك وَنَوَى الْعِتْقَ لَمْ يَعْتِقْ) لِأَنَّ السُّلْطَانَ عِبَارَةٌ عَنْ الْيَدِ وَسُمِّيَ السُّلْطَانُ بِهِ لِقِيَامِ يَدِهِ وَقَدْ يَبْقَى الْمِلْكُ دُونَ الْيَدِ كَمَا فِي الْمُكَاتَبِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَدَ لِي عَلَيْك بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: لَا سَبِيلَ عَلَيْك وَنَوَى بِهِ الْعِتْقَ أَنَّهُ يَعْتِقُ لِأَنَّ نَفْيَهُ مُطْلَقًا إنَّمَا يَكُونُ بِانْتِفَاءِ الْمِلْكِ أَلَا تَرَى أَنَّ لِلْمَوْلَى عَلَى الْمُكَاتَبِ سَبِيلًا فَلِهَذَا يَحْتَمِلُ الْعِتْقَ وَإِنْ قَالَ: لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك إلَّا سَبِيلَ الْوَلَاءِ عَتَقَ فِي الْقَضَاءِ وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى صَرْفِهِ عَنْ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ لَمَّا نَفَى السَّبِيلَ عَنْهُ وَأَثْبَتَ الْوَلَاءَ، وَالْوَلَاءُ يَقْتَضِي الْحُرِّيَّةَ عُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى غَيْرِهِ وَقِيلَ يَدِينُ فِي الْقَضَاءِ قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ إذَا قَالَ: عِتْقُك عَلَيَّ وَاجِبٌ لَا يَعْتِقُ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ: هَذَا ابْنِي وَثَبَتَ عَلَى ذَلِكَ عَتَقَ) وَكَذَا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: هَذِهِ بِنْتِي أَوْ أُمِّي أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: هَذَا أَبِي أَوْ عَمِّي أَوْ خَالِي فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ يَقَعُ بِهَا الْعِتْقُ وَلَا تَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ فَإِنْ قَالَ: نَوَيْت بِهِ الْكَذِبَ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً، وَقَوْلُهُ: وَثَبَتَ عَلَى ذَلِكَ مَعْنَاهُ إذَا كَانَ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ ثُمَّ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيَعْتِقُ وَإِنْ كَانَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَيَعْتِقُ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَثَبَتَ عَلَى ذَلِكَ أَيْ لَمْ يَقُلْ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا، وَقِيلَ احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ مَنْ لَا يُولَدُ، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: هَذَا أَبِي وَمِثْلُهُ لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ عَتَقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَعْتِقُ، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِ غَيْرِهِ: هَذَا ابْنِي مِنْ الزِّنَا ثُمَّ اشْتَرَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ، وَلَوْ اشْتَرَى أَخَاهُ مِنْ الزِّنَا لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الْأَخُ لِلْأُمِّ عَتَقَ، وَلَوْ اشْتَرَى الْمَمْلُوكُ وَلَدَهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَإِنْ اشْتَرَى ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ سَيِّدِهِ عَتَقَ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَاشْتَرَى ابْنَ مَوْلَاهُ لَمْ يَعْتِقْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَعْتِقُ عِنْدَهُمَا فَأَمَّا الْمُكَاتَبُ إذَا اشْتَرَى ابْنَ مَوْلَاهُ لَمْ يَعْتِقْ إجْمَاعًا فَإِنْ اشْتَرَتْ الْمُكَاتَبَةُ ابْنَهَا مِنْ سَيِّدِهَا عَتَقَ إجْمَاعًا وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: هَذَا ابْنَتِي قِيلَ يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَعْتِقُ وَقِيلَ: لَا يَعْتِقُ إجْمَاعًا.
قَوْلُهُ: (أَوْ هَذَا مَوْلَايَ أَوْ يَا مَوْلَايَ عَتَقَ) وَكَذَا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: هَذِهِ مَوْلَاتِي وَإِنْ قَالَ: عَنَيْت بِهِ الْكَذِبَ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً ثُمَّ فِي قَوْلِهِ هَذَا مَوْلَايَ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِأَنَّهُ الْتَحَقَ بِالصَّرِيحِ وَكَذَا يَا مَوْلَايَ لِأَنَّ النِّدَاءَ بِالصَّرِيحِ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ كَقَوْلِهِ: يَا حُرُّ وَيَا عَتِيقُ ثُمَّ الْحُرِّيَّةُ لَا تَقَعُ بِالنِّدَاءِ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ يَا حُرُّ يَا عَتِيقُ يَا مَوْلَايَ فَإِنْ قَالَ: يَا سَيِّدِي يَا مَالِكِي لَا يَعْتِقُ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ يَا ابْنِي أَوْ يَا أَخِي لَمْ يَعْتِقْ) لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ فِي الْعَادَةِ يُسْتَعْمَلُ لِلْإِكْرَامِ، وَالشَّفَقَةِ وَلَا يُرَادُ بِهِ إلَّا تَحْقِيقَ وَإِنْ قَالَ: يَا ابْنُ بِالضَّمِّ لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّهُ كَمَا أَخْبَرَ فَإِنَّهُ ابْنُ أَبِيهِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ لِغُلَامٍ لَهُ لَا يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ هَذَا ابْنِي عَتَقَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَعِنْدَهُمَا لَا يَعْتِقُ، وَالْكَلَامُ فِي قَوْلِهِ هَذَا أَبِي أَوْ جَدِّي أَوْ هَذِهِ أُمِّي كَالْكَلَامِ فِي قَوْلِهِ هَذَا ابْنِي عَلَى الْخِلَافِ وَأَمَّا إذَا كَانَ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ إلَّا أَنَّهُ مَعْرُوفُ النَّسَبِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ إجْمَاعًا وَلَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ أَمَّا وُقُوعُ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ أَقَرَّ بِمَا لَا يَسْتَحِيلُ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَخْلُوقًا مِنْ مَائِهِ بِأَنْ وَطِئَ بِزِنًا أَوْ بِشُبْهَةٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ لِمَنْ هُوَ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ يُولَدُ لِمِثْلِهِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ نَسَبٌ عَتَقَ عَلَيْهِ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمُمْكِنٍ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ الْخَصْمُ فِيهِ فَقُبِلَ إقْرَارُهُ وَقَوْلُنَا وَهُوَ الْخَصْمُ فِيهِ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا قَالَ هَذَا أَخِي وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ وَهُوَ صَبِيٌّ: هَذَا جَدِّي فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ وَقِيلَ لَا يَعْتِقُ إجْمَاعًا لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مُوجِبٌ لَهُ فِي الْمِلْكِ إلَّا بِوَاسِطَةٍ وَهُوَ الْأَبُ وَهِيَ غَيْرُ ثَابِتَةٍ فِي كَلَامِهِ فَتَعَذَّرَ أَنْ يُجْعَلَ مَجَازًا عَنْ الْوَاجِبِ بِخِلَافِ الْأُبُوَّةِ، وَالْبُنُوَّةِ لِأَنَّ لَهُمَا مُوجِبًا فِي الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ.
وَلَوْ قَالَ: هَذَا أَخِي لَا يَعْتِقُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَعْتِقُ، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ هَذِهِ بِنْتِي قِيلَ هُوَ عَلَى الْخِلَافِ وَقِيلَ لَا يَعْتِقُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْمُسَمَّى وَهُوَ مَعْدُومٌ فَلَا يُعْتَبَرُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرَّةٌ أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حُرٌّ عَتَقَ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ.
وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ مَعْرُوفَةُ النَّسَبِ وَهِيَ تُولَدُ لِمِثْلِهِ أَوْ أَكْبَرُ سِنًّا مِنْهُ: هَذِهِ بِنْتِي لَمْ تَقَعْ الْفُرْقَةُ بِذَلِكَ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنَارِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ يَنْوِي الْحُرِّيَّةَ لَمْ تَعْتِقْ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ صَرِيحٌ فِي بَابِهِ فَلَمْ يَقَعْ بِهِ الْعِتْقُ وَإِنْ نَوَاهُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَى بِهِ الْعِتْقَ لَمْ تَعْتِقْ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ تُخَمَّرِي وَنَوَى بِهِ الْعِتْقَ لَمْ تَعْتِقْ لِأَنَّهُ نَوَى مَا لَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ لُغَةً إثْبَاتُ الْقُوَّةِ، وَالطَّلَاقُ رَفَعَ الْقَيْدَ وَهَذَا لِأَنَّ الْعَبْدَ أُلْحِقَ بِالْجَمَادَاتِ وَبِالْإِعْتَاقِ يَحْيَى فَيَقْدِرُ وَلَا كَذَلِكَ الْمَنْكُوحَةُ فَإِنَّهَا قَادِرَةٌ إلَّا أَنَّ قَيْدَ النِّكَاحِ مَانِعٌ وَبِالطَّلَاقِ يَرْتَفِعُ الْمَانِعُ فَتَظْهَرُ الْقُوَّةُ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْأَوَّلَ أَقْوَى لِأَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ فَوْقَ مِلْكِ النِّكَاحِ فَكَانَ إسْقَاطُهُ أَقْوَى، وَاللَّفْظُ يَصْلُحُ مَجَازًا عَمَّا هُوَ دُونَ حَقِيقَتِهِ لَا عَمَّا هُوَ فَوْقَهُ فَلِهَذَا امْتَنَعَ فِي الْإِعْتَاقِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ مِثْلَ الْحُرِّ لَمْ يَعْتِقْ) يَعْنِي، وَلَوْ نَوَى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ وَلِأَنَّ الْمِثْلَ يُسْتَعْمَلُ لِلْمُشَارَكَةِ فِي بَعْضِ الْمَعَانِي عُرْفًا فَوَقَعَ الشَّكُّ فِي الْحُرِّيَّةِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ: مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ عَتَقَ) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ عَلَى وَجْهِ التَّأْكِيدِ لِلْإِثْبَاتِ كَمَا فِي كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ، وَفِي إثْبَاتِ الْحُرِّيَّةِ عَتَقَ.
وَإِنْ قَالَ: مَا أَنْتَ إلَّا مِثْلَ الْحُرِّ لَمْ يَعْتِقْ وَإِنْ قَالَ: كُلُّ مَالِي حُرٌّ، وَلَهُ عَبِيدٌ لَمْ يَعْتِقُوا وَإِنْ قَالَ: عَبِيدُ الدُّنْيَا كُلُّهُمْ أَحْرَارٌ وَلَمْ يَنْوِ عَبْدَهُ لَمْ يَعْتِقْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَإِنْ قَالَ: أَوْلَادُ آدَمَ كُلُّهُمْ أَحْرَارٌ لَا يَعْتِقُ عَبْدُهُ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ، وَلَوْ قَالَ لِثَوْبٍ خَاطَهُ مَمْلُوكُهُ هَذِهِ خِيَاطَةُ حُرٍّ لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّهُ أَرَادَ التَّشْبِيهَ، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إذَا شَتَمْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ لَهُ لَا بَارَكَ اللَّهُ فِيك لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَتْمٍ بَلْ هُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَبَيْنَ مَنْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ كَالْبَهِيمَةِ أَوْ الْحَائِطِ أَوْ السَّارِيَةِ فَقَالَ: عَبْدِي حُرٌّ وَهَذَا أَوْ قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ عَتَقَ الْعَبْدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَعْتِقُ وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ أَوْ لَا لَا يَعْتِقُ إجْمَاعًا وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ عَبْدُهُ إجْمَاعًا إلَّا بِالنِّيَّةِ لِأَنَّ عَبْدَ الْغَيْرِ يُوصَفُ بِالْحُرِّيَّةِ مِنْ جِهَةِ مَوْلَاهُ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَوْقَعَ حُرِّيَّةً مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى وَكَذَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ أَمَةٍ حَيَّةٍ وَأَمَةٍ مَيِّتَةٍ فَقَالَ: أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ هَذِهِ أَوْ إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ لَمْ تَعْتِقْ أَمَتُهُ لِأَنَّ الْمَيِّتَةَ تُوصَفُ بِالْحُرِّيَّةِ فَيُقَالُ مَاتَتْ حُرَّةً وَمَاتَتْ أَمَةً فَلَا تَخْتَصُّ الْحُرِّيَّةُ بِأَمَتِهِ وَإِنْ قَالَ لِجِدَارٍ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ عَبْدِي عَتَقَ الْعَبْدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ خَيَّرَ نَفْسَهُ فِيهِمَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَقْدِيمِ الْعَبْدِ أَوْ الْحَائِطِ.
وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَبَيْنَ حُرٍّ فَقَالَ: أَحَدُكُمَا لَا يَعْتِقُ عَبْدُهُ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا لَا يَعْتِقُ مَا لَمْ يَجِئْ غَدٌ وَإِنْ قَالَ الْيَوْمَ وَغَدًا عَتَقَ الْيَوْمَ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَوْ غَدٍ فَقَدْ أَوْقَعَ الْعِتْقَ فِي أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ لَا فِيهِمَا جَمِيعًا فَلَوْ أَوْقَعْنَاهُ فِي الْيَوْمِ كَانَ وَاقِعًا فِي الْوَقْتَيْنِ جَمِيعًا لِأَنَّهُ إذَا عَتَقَ الْيَوْمَ عَتَقَ غَدًا، وَلَوْ قَالَ الْيَوْمَ وَغَدًا فَقَدْ أَوْقَعَهُ فِي الْوَقْتَيْنِ جَمِيعًا فَإِذَا وَقَعَ فِي الْيَوْمِ كَانَ وَاقِعًا فِي الْغَدِ وَإِذَا وَقَعَ فِي الْغَدِ لَا يَكُونُ وَاقِعًا فِي الْيَوْمِ وَإِذَا قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ لَا يَعْتِقُ مَا لَمْ يَقْدَمَا جَمِيعًا لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ لَا يَنْزِلُ إلَّا عِنْدَ كَمَالِهِ وَكَمَالُهُ آخِرُهُ وَإِنْ قَالَ: إذَا قَدِمَ فُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ فَقَدِمَ أَحَدُهُمَا عَتَقَ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِأَحَدِهِمَا وَقَدْ وُجِدَ وَإِذَا قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ أَوْ إذَا جَاءَ غَدٌ فَإِنْ قَدِمَ فُلَانٌ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ عَتَقَ وَإِذَا جَاءَ غَدٌ أَوْ لَا لَا يَعْتِقُ حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَعْتِقُ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ فِعْلٍ وَوَقْتٍ وَأَدْخَلَ بَيْنَهُمَا حَرْفُ أَوْ فَإِنْ وُجِدَ الْفِعْلُ أَوَّلًا يَقَعُ وَإِنْ وُجِدَ الْوَقْتُ أَوَّلًا لَا يَقَعُ حَتَّى يُوجَدَ الْفِعْلُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَتَعَلَّقُ بِأَسْبَقِهِمَا وُجُودًا.
وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا تَطْلُقُ فِي الْيَوْمِ وَاحِدَةً وَلَا تَطْلُقُ فِي الْغَدِ إلَّا إذَا قَالَ: عَنَيْت فِي الْغَدِ أُخْرَى، وَلَوْ قَالَ غَدًا، وَالْيَوْمَ طَلُقَتْ فِي الْيَوْمِ وَاحِدَةً، وَفِي الْغَدِ أُخْرَى لِأَنَّ عَطْفَ الْيَوْمِ عَلَى الْغَدِ لَا يَصِحُّ فَكَانَ ذَلِكَ لِلِاسْتِئْنَافِ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا مَلَكَ الرَّجُلُ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ عَتَقَ عَلَيْهِ) سَوَاءٌ مَلَكَهُ بِالْإِرْثِ أَوْ بِالشِّرَاءِ أَوْ بِالْهِبَةِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَالِكُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا أَوْ مَجْنُونًا لِأَنَّ عِتْقَهُمْ بِالْمِلْكِ وَمِلْكُ هَؤُلَاءِ صَحِيحٌ وَكَذَا الذِّمِّيُّ إذَا مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ عَتَقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ وَأَمَّا إذَا مَلَكَ الْحَرْبِيُّ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَعْتِقْ عِنْدَهُمَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَعْتِقُ وَإِنْ أَعْتَقَ الْحَرْبِيُّ عَبْدًا حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَعْتِقْ عِنْدَهُمَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَعْتِقُ، وَلَوْ أَعْتَقَ الْحَرْبِيُّ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ عَتَقَ إجْمَاعًا، وَلَوْ دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ فَاشْتَرَى عَبْدًا حَرْبِيًّا فَأَعْتَقَهُ هُنَاكَ لَا يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَا لَمْ يُخَلِّ سَبِيلَهُ.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَعْتِقُ بِالْقَوْلِ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ مُضْطَرِبٌ، وَلَوْ اشْتَرَى الْمَمْلُوكُ وَلَدَهُ لَا يَعْتِقُ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فَإِنْ اشْتَرَى ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ مَوْلَاهُ عَتَقَ لِأَنَّ الْمَوْلَى مَلَكَهُ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَاشْتَرَى ابْنَ مَوْلَاهُ لَمْ يَعْتِقْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَيَعْتِقُ عِنْدَهُمَا لِأَنَّهُ مَلَكَهُ فَأَمَّا الْمُكَاتَبُ إذَا اشْتَرَى ابْنَ مَوْلَاهُ لَا يَعْتِقُ إجْمَاعًا لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ أَكْسَابَ الْمُكَاتَبِ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ بَعْضَ عَبْدِهِ عَتَقَ ذَلِكَ الْبَعْضُ وَسَعَى فِي بَقِيَّةِ قِيمَتِهِ لِمَوْلَاهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَعْتِقُ كُلُّهُ) وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ: نِصْفُك حُرٌّ أَوْ ثُلُثُك أَوْ رُبْعُك فَإِنَّهُ يَعْتِقُ ذَلِكَ الْقَدْرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَسْعَى فِي الْبَاقِي وَعِنْدَهُمَا يَعْتِقُ كُلُّهُ وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ ذَكَرَ جُزْءًا مَجْهُولًا كَمَا إذَا قَالَ: بَعْضُك حُرٌّ أَوْ جُزْءٌ مِنْك حُرٌّ فَعِنْدَهُمَا يَعْتِقُ كُلُّهُ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ وَإِنْ قَالَ: سَهْمٌ مِنْك حُرٌّ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ كُلُّهُ عِنْدَهُمَا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَعْتِقُ سُدُسُهُ ثُمَّ الْأَصْلُ أَنَّ الْإِعْتَاقَ يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا أَعْتَقَ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَتَجَزَّأُ فَإِضَافَتُهُ إلَى الْبَعْضِ كَإِضَافَتِهِ إلَى الْكُلِّ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ إثْبَاتُ الْعِتْقِ وَهُوَ قُوَّةٌ حُكْمِيَّةٌ وَإِثْبَاتُهَا بِإِزَالَةِ ضِدِّهَا وَهُوَ الرِّقُّ الَّذِي هُوَ ضَعْفٌ حُكْمِيٌّ وَهُمَا لَا يَتَجَزَّآنِ فَصَارَ كَالطَّلَاقِ، وَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ، وَالِاسْتِيلَادِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْإِعْتَاقَ إثْبَاتُ الْعِتْقِ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ أَوْ هُوَ إزَالَةُ الْمِلْكِ لِأَنَّ الْمِلْكَ حَقُّهُ، وَالرِّقَّ حَقُّ الشَّرْعِ وَحَقُّ التَّصَرُّفِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ وِلَايَةِ الْمُتَصَرِّفِ وَهُوَ إزَالَةُ حَقِّهِ لَا حَقِّ غَيْرِهِ.
قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى: الْإِعْتَاقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إزَالَةُ الْمِلْكِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَلَى الْقُدْرَةِ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ وَهُوَ مُتَجَزِّئٌ ثُبُوتًا وَزَوَالًا لِمَا عُرِفَ فِي بَيْعِ النِّصْفِ وَشِرَاءِ النِّصْفِ لَكِنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ لَا يَتَجَزَّأُ وَهُوَ الْعِتْقُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَجَزِّئٍ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ قُوَّةٍ حُكْمِيَّةٍ يَظْهَرُ بِهَا سُلْطَانُ الْمَالِكِيَّةِ وَنَفَاذُ الْوِلَايَةِ، وَالشَّهَادَةِ، وَالْقُوَّةُ لَا تَتَجَزَّأُ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الشَّخْصِ قَوِيًّا وَبَعْضُهُ ضَعِيفًا وَهَذَا كَأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهَا مُتَجَزِّئَةٌ وَيَتَعَلَّقُ بِهَا إبَاحَةُ الصَّلَاةِ وَهِيَ غَيْرُ مُجْزِئَةٍ وَكَذَلِكَ عَدَدُ الطَّلَاقِ لِلتَّحْرِيمِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَبِإِعْتَاقِ الْبَعْضِ لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ الْعِتْقِ فَلَا يَزُولُ شَيْءٌ مِنْ الرِّقِّ لِأَنَّ سُقُوطَ الرِّقِّ وَثُبُوتَ الْعِتْقِ حُكْمٌ بِسُقُوطِ كُلِّ الْمِلْكِ فَإِذَا سَقَطَ بَعْضُهُ فَقَدْ وُجِدَ شَطْرُ عِلَّةِ الْعِتْقِ فَلَا يَكُونُ حُرًّا أَصْلًا فِي شَهَادَاتِهِ وَسَائِرِ أَحْكَامِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُكَاتَبٌ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ إلَّا أَنَّهُ إذَا عَجَزَ لَا يُرَدُّ فِي الرِّقِّ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ الْمَقْصُودَةِ وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّ الْإِعْتَاقَ إزَالَةُ الْمِلْكِ قَصْدًا لِأَنَّ الْمِلْكَ حَقُّ الْعَبْدِ، وَالرِّقَّ حَقُّ الشَّرْعِ لِأَنَّ ضَرْبَ الرِّقِّ عَلَيْهِ لِلْمُجَازَاةِ عَلَى الِاسْتِنْكَافِ عَنْ السَّلَامِ، وَعَنْ الِانْقِيَادِ، وَالتَّعَبُّدِ لِلَّهِ تَعَالَى فَجُوزِيَ عَلَى ذَلِكَ بِضَرْبِ الرِّقِّ عَلَيْهِ، وَالْجَزَاءُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالْإِنْسَانُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْغَيْرِ قَصْدًا وَيَتَمَكَّنُ مِنْهُ ضِمْنًا أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَكَ إذَا أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ تَعَدَّى إلَى نَصِيبِ صَاحِبِهِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: الْإِعْتَاقُ إثْبَاتُ الْعِتْقِ وَإِزَالَةُ الرِّقِّ كَالْإِعْلَامِ إثْبَاتُ الْعِلْمِ وَإِزَالَةُ الْجَهْلِ وَكِلَاهُمَا غَيْرُ مُتَجَزِّئٍ لِأَنَّ الرِّقَّ عُقُوبَةٌ، وَالْعُقُوبَةُ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُوبُهَا عَلَى النِّصْفِ لِأَنَّ الذَّنْبَ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ النِّصْفِ دُونَ النِّصْفِ وَمَا لَا يَتَجَزَّأُ إذَا أُثْبِتَ بَعْضُهُ ثَبَتَ كُلُّهُ كَالطَّلَاقِ فَظَهَرَ أَنَّ الْمِلْكَ مُتَجَزِّئٌ إجْمَاعًا، وَالْإِعْتَاقَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَالِاخْتِلَافُ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إزَالَةُ الْمِلْكِ أَمَّا إثْبَاتُ الْعِتْقِ فَعِنْدَهُ إزَالَةُ الْمِلْكِ قَصْدًا، وَالرِّقِّ ضِمْنًا وَتَبَعًا وَعِنْدَهُمَا إثْبَاتُ الْعِتْقِ وَيُزِيلُ الرِّقَّ قَصْدًا، وَالْمِلْكَ تَبَعًا فَأَحْكِمْ هَذَا الْأَصْلَ وَاحْفَظْهُ، فَفِيهِ فِقْهٌ كَثِيرٌ، وَقَوْلُهُ: عَتَقَ ذَلِكَ الْبَعْضُ بِغَيْرِ سِعَايَةٍ.
وَقَوْلُهُ: وَسَعَى فِي بَقِيَّةِ قِيمَتِهِ لِمَوْلَاهُ الْمُسْتَسْعَى بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يُؤَدِّيَ السِّعَايَةَ إمَّا إلَى الْمُعْتَقِ إذَا ضَمِنَ وَإِمَّا إلَى الْآخَرِ إذَا اخْتَارَ السِّعَايَةَ لِأَنَّ الرِّقَّ بَاقٍ وَإِنَّمَا يَسْعَى لِتَخْلِيصِ رَقَبَتِهِ مِنْ الرِّقِّ كَالْمُكَاتَبِ فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَلَا يَتَزَوَّجُ وَلَهُ خِيَارُ أَنْ يُعْتِقَهُ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ قَابِلٌ لِلْإِعْتَاقِ إلَّا أَنَّهُ يُفَارِقُ الْمُكَاتَبَ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ لَا يُرَدُّ فِي الرِّقِّ الْمَعْنَى الْمُوجِبِ لِلسِّعَايَةِ وُقُوعُ الْحُرِّيَّةِ فِي جُزْءٍ مِنْهُ وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ بَعْدَ الْعَجْزِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الْمُسْتَسْعَى بِمَنْزِلَةِ حُرٍّ مَدْيُونٍ لِأَنَّ الْعِتْقَ وُقُوعٌ فِي جَمِيعِهِ وَإِنَّمَا يُؤَدِّي دَيْنَهُ مَعَ الْحُرِّيَّةِ فَهُوَ كَسَائِرِ الْأَحْرَارِ ثُمَّ الْمُسْتَسْعَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى ضَرْبَيْنِ كُلُّ مَنْ يَسْعَى فِي تَخْلِيصِ رَقَبَتِهِ فَهُوَ كَالْمُكَاتَبِ وَكُلُّ مَنْ يَسْعَى فِي بَدَلِ رَقَبَتِهِ الَّذِي لَزِمَهُ بِالْعِتْقِ فَهُوَ كَالْحُرِّ فِي أَحْكَامِهِ وَكَالْمَرْهُونِ، وَالْمَأْذُونِ إذَا أَعْتَقَا وَعَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ، وَالْأَمَةُ إذَا أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَأَبَتْ فَإِنَّهَا تَسْعَى فِي قِيمَتِهَا وَهِيَ حُرَّةٌ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ عَتَقَ) يَعْنِي إذَا قَالَ: نَصِيبِي مِنْك حُرّ أَوْ قَالَ: نِصْفُك حُرٌّ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ أَمَّا إذَا قَالَ نَصِيبُ صَاحِبِي حُرٌّ لَا يَعْتِقُ إجْمَاعًا.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَشَرِيكُهُ بِالْخِيَارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ شَرِيكَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ) الْمُعْتِقُ إذَا كَانَ مُوسِرًا فَلِشَرِيكِهِ ثَلَاثُ خِيَارَاتٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: إنْ شَاءَ أَعْتَقَ كَمَا أَعْتَقَ شَرِيكُهُ لِقِيَامِ مِلْكِهِ فِي الْبَاقِي إذْ الْإِعْتَاقُ عِنْدَهُ يَتَجَزَّأُ أَوْ يَكُونُ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سِوَى الْإِعْتَاقِ وَتَوَابِعِهِ وَمَتَى ضَمِنَهُ فَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلضَّامِنِ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَى مِلْكِهِ حِينَ يَمْلِكُهُ بِالضَّمَانِ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ لِأَنَّ يَسَارَ الْمُعْتِقِ لَا يَمْنَعُ السِّعَايَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَيُّ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَ الشَّرِيكُ مِنْ الْعِتْقِ أَوْ السِّعَايَةِ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا فَالشَّرِيكُ بِالْخِيَارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ) وَلَيْسَ لَهُ التَّضْمِينُ، وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَجْهَيْنِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَيْسَ لَهُ إلَّا الضَّمَانُ مَعَ الْيَسَارِ أَوْ السِّعَايَةِ مَعَ الْإِعْسَارِ) لِأَنَّ الْمُعْتِقَ إذَا كَانَ مُوسِرًا فَقَدْ وَجَبَ لَهُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلَّذِي لَمْ يَعْتِقْ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ مَعَ يَسَارِ الْمُعْتِقِ عِنْدَهُمَا ثُمَّ إذَا ضَمِنَ الْمُعْتِقُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْعَبْدِ عِنْدَهُمَا، وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ لِأَنَّ الْعِتْقَ كُلَّهُ مِنْ جِهَتِهِ لِعَدَمِ التَّجَزُّؤِ عِنْدَهُمَا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا السِّعَايَةُ، وَالْوَلَاءُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا عَلَى قَوْلِهِمَا لِلْمُعْتِقِ لِأَنَّ الْعَبْدَ عَتَقَ بِإِعْتَاقِهِ وَانْتَقَلَ نَصِيبُ شَرِيكِهِ إلَيْهِ وَيَعْنِي بِالْوَجْهَيْنِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا ثُمَّ لَا يَرْجِعُ الْمُسْتَسْعَى عَلَى الْمُعْتِقِ بِمَا أَدَّى بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ سَعَى لِفِكَاكِ رَقَبَتِهِ لَا لِقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَى الْمُعْتِقِ إذْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعُسْرَتِهِ بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ إذَا أَعْتَقَهُ الرَّاهِنُ الْمُعْسِرُ فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَسْعَى فِي رَقَبَةٍ قَدْ فُكَّتْ أَوْ يَقْضِي دَيْنًا عَلَى الرَّاهِنِ فَلِهَذَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَعْتَقَ الثَّانِي بَعْدَهُ فَلِلثَّالِثِ أَنْ يُضَمِّنَ الْأَوَّلَ إذَا كَانَ مُوسِرًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ لِيُسَاوِيَهُ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الثَّانِيَ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ النَّقْلِ إلَى الْأَوَّلِ وَذَلِكَ النَّقْلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ الْوَلَاءِ، وَالْوَلَاءُ لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ ثُمَّ إذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ الْأَوَّلِ فَلِلْأَوَّلِ أَنْ يَعْتِقَ لِأَنَّ السَّهْمَ انْتَقَلَ إلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ الْمُضَمِّنِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ الثَّانِيَ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَضْمَنَهُ وَقَدْ قَامَ هَذَا مَقَامَهُ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَمَّا عَلَى أَصْلِهِمَا لَمَّا أَعْتَقَ الْأَوَّلُ عَتَقَ جَمِيعُ الْعَبْدِ فَعِتْقُ الثَّانِي بَاطِلٌ ثُمَّ مَعْرِفَةُ الْيَسَارِ هُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ مَالِكًا لِمِقْدَارِ قِيمَةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ يَعْنِي إذَا كَانَ لَهُ مِنْ الْمَالِ أَوْ الْعُرُوضِ مِقْدَارُ قِيمَةِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُهُ وَهُوَ الْمُعْسِرُ الْمُرَادُ بِالْخَبَرِ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَخْلِيصِ الْعَبْدِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِي الضَّمَانِ، وَالسِّعَايَةِ يَوْمَ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْعِتْقَ سَبَبُ الضَّمَانِ وَكَذَا حَالُ الْمُعْتِقِ فِي يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ أَيْضًا يَوْمَ الْعِتْقِ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا اشْتَرَى رَجُلَانِ ابْنَ أَحَدِهِمَا عَتَقَ نَصِيبُ الْأَبِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) سَوَاءٌ عَلِمَ الْآخَرُ وَقْتَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ ابْنُ شَرِيكِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
قَوْلُهُ: (وَكَذَلِكَ إذَا وَرِثَاهُ) يَعْنِي يَعْتِقُ نَصِيبَ الْأَبِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (وَالشَّرِيكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ) وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا فِي الشِّرَاءِ يَضْمَنُ الْأَبُ نِصْفَ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا سَعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِشَرِيكِ أَبِيهِ سَوَاءٌ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَأَمَّا فِي الْإِرْثِ فَلَا يَضْمَنُ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ فِيهِ السِّعَايَةُ لَا غَيْرُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا مَلَكَاهُ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَعِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ مَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي نَصِيبِهِ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ الَّذِي عَتَقَ عَلَيْهِ نَصِيبُهُ إذَا كَانَ مُوسِرًا وَقَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إذَا وَرِثَاهُ صُورَتُهُ امْرَأَةٌ اشْتَرَتْ ابْنَ زَوْجِهَا ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ زَوْجِهَا وَعَنْ أَخِيهَا وَكَذَا إذَا كَانَ لِلرَّجُلَيْنِ ابْنُ عَمٍّ وَلِابْنِ الْعَمِّ جَارِيَةٌ تَزَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا فَوَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ مَاتَ ابْنُ الْعَمِّ عَتَقَ نَصِيبُ الْأَبِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِالْحُرِّيَّةِ سَعَى الْعَبْدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَصِيبِهِ مُوسِرَيْنِ كَانَا أَوْ مُعْسِرَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّ شَرِيكَهُ أَعْتَقَهُ وَأَنَّ لَهُ الضَّمَانَ أَوْ السِّعَايَةَ وَقَدْ تَعَذَّرَ الضَّمَانُ حَيْثُ لَمْ يُصَدِّقْهُ صَاحِبُهُ فِي ذَلِكَ فَبَقِيَتْ السِّعَايَةُ وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ الْيَسَارِ، وَالْإِعْسَارِ، وَفِي السِّعَايَةِ، وَالْوَلَاءِ لَهُمَا جَمِيعًا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقُولُ عِتْقُ نَصِيبِ صَاحِبِي عَلَيْهِ بِإِعْتَاقِهِ وَوَلَاؤُهُ، وَعِتْقُ نَصِيبِي بِالسِّعَايَةِ وَوَلَاؤُهُ لِي.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إذَا كَانَا مُوسِرَيْنِ فَلَا سِعَايَةَ وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ سَعَى لَهُمَا) لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِمَا أَنَّ السِّعَايَةَ لَا تَثْبُتُ مَعَ الْيَسَارِ فَوُجُودُ الْيَسَارِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إبْرَاءٌ لِلْعَبْدِ مِنْ السِّعَايَةِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا، وَالْآخَرُ مُعْسِرًا سَعَى لِلْمُوسِرِ وَلَمْ يَسْعَ لِلْمُعْسِرِ) لِأَنَّ الْمُوسِرَ يَقُولُ: لَا ضَمَانَ لِي عَلَى شَرِيكِي لِكَوْنِهِ مُعْسِرًا وَلِي السِّعَايَةُ عَلَى الْعَبْدِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَهُ وَأَمَّا الْمُعْسِرُ فَيَقُولُ: إنَّ الْعِتْقَ أَوْجَبَ لِي الضَّمَانَ عَلَى شَرِيكِي وَأَسْقَطَ السِّعَايَةَ عَنْ الْعَبْدِ فَكَانَ مُبَرِّئًا لَهُ وَيَعْتَقِدُ وُجُوبَ الضَّمَانِ عَلَى شَرِيكِهِ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الشَّرِيكِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِالسِّعَايَةِ لِإِبْرَائِهِ مِنْهَا، وَالْوَلَاءُ مَوْقُوفٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُحِيلُهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَهُوَ يَتَبَرَّأُ مِنْهُ فَيَبْقَى مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى لِمَ إعْتَاقُ أَحَدِهِمَا وَهُوَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَبْدٌ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ ؟ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْمُسْتَسْعَى بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ وَعِنْدَهُمَا هُوَ حُرٌّ حِينَ شَهِدَ الْمَوْلَيَانِ وَتَعَذُّرُ السِّعَايَةِ عِنْدَهُمَا لَا يَمْنَعُ الْحُرِّيَّةَ فَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَلَمْ يَشْهَدْ الْآخَرُ جَازَ إقْرَارُ الشَّاهِدِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يَجُزْ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الشَّاهِدِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْ الْعِتْقَ فِي نَصِيبِهِ وَإِنَّمَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَأَمَّا السِّعَايَةُ فَمِنْ أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا تَثْبُتُ مَعَ الْيَسَارِ، وَالْإِعْسَارِ فِي زَعْمِ الشَّاهِدِ أَنَّ الشَّرِيكَ قَدْ أَعْتَقَهُ وَأَنَّ لَهُ الضَّمَانَ أَوْ السِّعَايَةَ وَقَدْ تَعَذَّرَ الضَّمَانُ حَيْثُ لَمْ يُصَدِّقْهُ فَبَقِيَتْ السِّعَايَةُ، وَأَمَّا الْمُنْكِرُ فَفِي زَعْمِهِ أَنَّ نَصِيبَهُ عَلَى مِلْكِهِ وَقَدْ تَعَذَّرَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِإِقْرَارِ شَرِيكِهِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: السِّعَايَةُ لَا تَثْبُتُ مَعَ الْيَسَارِ فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُوسِرًا فَلَا سِعَايَةَ لِلشَّاهِدِ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ عَتَقَ بِإِعْتَاقِ شَرِيكِهِ وَلَا حَقَّ لَهُ إلَّا الضَّمَانُ فَقَدْ أَبْرَأ الْعَبْدَ مِنْ السِّعَايَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُعْسِرًا فَلِلشَّاهِدِ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ لِأَنَّ السِّعَايَةَ تَثْبُتُ مَعَ الْإِعْسَارِ وَأَمَّا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فَيُسْتَسْعَى بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّ نَصِيبَهُ عَلَى مِلْكِهِ وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِسُقُوطِ حَقِّهِ مِنْ السِّعَايَةِ فَكَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: الْوَلَاءُ مَوْقُوفٌ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يَزْعُمُ أَنَّ الْوَلَاءَ لِشَرِيكِهِ وَشَرِيكُهُ يَجْحَدُ فَلِهَذَا وَقَفَ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلشَّيْطَانِ أَوْ لِلصَّنَمِ عَتَقَ) إلَّا أَنَّهُ إذَا قَالَ لِلشَّيْطَانِ أَوْ لِلصَّنَمِ كَفَرَ، وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
قَوْلُهُ: (وَعِتْقُ الْمُكْرَهِ، وَالسَّكْرَانِ وَاقِعٌ) كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَتَجِبُ الْقِيمَةُ عَلَى الْمُكْرِهِ وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ أَوْ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ وَكَذَا إذَا قَالَ: إذَا شَاءَ هَذَا الْحَائِطُ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ لَمْ يَعْتِقْ، وَلَوْ قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَنْتَ حُرٌّ لَا يَعْتِقُ وَإِنْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتَ حُرٌّ لَا يَعْتِقُ عِنْدَهُمَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَعْتِقُ وَإِنْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَنْتَ حُرٌّ يَعْتِقُ بِالْإِجْمَاعِ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا قَالَ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى مِلْكٍ أَوْ شَرْطٍ صَحَّ كَمَا يَصِحُّ فِي الطَّلَاقِ) فَالْإِضَافَةُ إلَى الشَّرْطِ مِثْلُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتَ حُرٌّ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ وَإِخْرَاجُهُ عَنْ مِلْكِهِ فِي ذَلِكَ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْعِتْقِ بِالشَّرْطِ لَا يُزِيلُ مِلْكَهُ إلَّا فِي التَّدْبِيرِ خَاصَّةً وَإِذَا قَالَ الْمُكَاتَبُ أَوْ الْعَبْدُ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فِيمَا أَسْتَقْبِلُ فَهُوَ حُرٌّ فَعَتَقَ ثُمَّ مَلَكَ مَمْلُوكًا: لَا يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَعْتِقُ وَإِنْ قَالَ إذَا أَعْتَقْت فَمَلَكْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ فَأَعْتَقَ فَمَلَكَ عَبْدًا عَتَقَ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ أَضَافَ الْحُرِّيَّةَ إلَى مِلْكٍ صَحِيحٍ وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهُوَ عَلَى كُلِّ مَنْ يَمْلِكُهُ يَوْمَ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَلَا يَعْتِقُ مَنْ اسْتَقْبَلَ مِلْكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ: إذَا اشْتَرَيْت مَمْلُوكَيْنِ فَهُمَا حُرَّانِ فَاشْتَرَى أَمَةً حَامِلًا لَمْ يَعْتِقَا، وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي غَيْرَك حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ حَمْلُهَا لِأَنَّ اسْمَ الْمَمْلُوكِ لَا يَتَنَاوَلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ فِطْرِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَمَالِيكِهِ، وَلَوْ قَالَ إنَّ عَبْدًا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ نَسَمَةٍ أَوْ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ لَزِمَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ، وَإِنْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ اشْتَرَيْت هَذِهِ الشَّاةَ فَهِيَ هَدْيٌ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ حَتَّى يَقُولَ إنْ اشْتَرَيْتهَا بَعْدَ الْعِتْقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَلْزَمُهُ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا خَرَجَ عَبْدُ الْحَرْبِيِّ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَيْنَا مُسْلِمًا عَتَقَ) لِأَنَّهُ مَلَكَ نَفْسَهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَلَا اسْتِرْقَاقَ عَلَى الْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ بَلْ يَكُونُ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ خَرَجَ الْعَبْدُ لَيْسَ مُسْتَأْمَنًا فِي تِجَارَةٍ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ فَأَسْلَمَ بَاعَهُ الْإِمَامُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ لِمَوْلَاهُ لِأَنَّا أَمَّنَّاهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَبْقِيَتُهُ عَلَى مِلْكِ الْكَافِرِ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ مَذَلَّةِ اسْتِرْقَاقِ الْكَافِرِ لَهُ، وَلَوْ كَانَ مَوْلَاهُ حَاضِرًا أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ فَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَنَا بِأَمَانٍ وَاشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا وَأَدْخَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ عَتَقَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَعْتِقُ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا أَعْتَقَ جَارِيَةً حَامِلًا عَتَقَتْ وَعَتَقَ حَمْلُهَا) لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهَا كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا لِاتِّصَالِهِ بِهَا، وَلَوْ أَنَّ جَارِيَةً مُوصًى بِهَا لِرَجُلٍ وَبِحَمْلِهَا الْآخَرِ فَأَعْتَقَ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ الْأُمَّ عَتَقَ الْحَمْلُ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَعْتَقَ الْحَمْلَ خَاصَّةً عَتَقَ وَلَمْ تَعْتِقْ الْأُمُّ) يَعْنِي إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا وُجُودَهُ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ لَمْ يَعْتِقْ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ فَلَا تَعْتِقُ بِالشَّكِّ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ فِي عِدَّةِ زَوْجٍ وَجَاءَتْ بِهِ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَنَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَالْآخَرُ لِأَكْثَرَ مِنْهَا عَتَقَا جَمِيعًا لِأَنَّهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ وَإِذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: إذَا وَلَدْت وَلَدًا فَهُوَ حُرٌّ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ فِي مِلْكِهِ عَتَقَ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ مِثْلُ أَنْ تَلِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ يَبِيعَهَا فَتَلِدَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَا يَعْتِقُ.
وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: إذَا وَلَدْت وَلَدًا فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا ثُمَّ وَلَدًا حَيًّا فَإِنَّ الثَّانِيَ يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَعْتِقُ لِأَنَّ شَرْطَ الْيَمِينِ وُجُودُ الْأَوَّلِ فَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ بِوَضْعِهِ وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ عَلَى الثَّانِي وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْعِتْقَ لَمَّا لَمْ يَقَعْ إلَّا عَلَى حَيٍّ وَاسْتَحَالَ وُقُوعُهُ عَلَى الْمَيِّتِ صَارَتْ الْحَيَاةُ مَشْرُوطَةً فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ إذَا قَالَ: أَوَّلُ عَبْدٍ يَدْخُلُ عَلَيَّ فَهُوَ حُرٌّ فَأَدْخَلَ عَلَيْهِ عَبْدٌ مَيِّتٌ ثُمَّ بَعْدَهُ عَبْدٌ حَيٌّ عَتَقَ الْحَيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَعْتِقُ الْحَيُّ وَعِنْدَهُمَا لَا يَعْتِقُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ وَيَعْتِقُ الْحَيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْعَبْدَ عِبَارَةٌ عَمَّا تَعَلَّقَ بِهِ الرِّقُّ، وَالرِّقُّ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ فَلَيْسَ هَذَا بِعَبْدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَيَعْتِقُ الثَّانِي وَإِنْ قَالَ: إذَا وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا عَتَقَتْ وَطَلَقَتْ الْمَرْأَةُ وَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ الْبَرْذَعِيِّ يَقُولُ الْوَلَدُ: الْمَيِّتُ وَلَدٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَلَيْسَ بِوَلَدٍ فِي حَقِّ نَفْسِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْأَمَةَ تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدِهِ وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ فَلَا يَرِثُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْوَصِيَّةَ وَوُقُوعُ الْعِتْقِ عَلَيْهِ حَقٌّ فَلَمْ يَكُنْ وَلَدًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ وَلَدًا فِي حَقِّ الْعَبْدِ الَّذِي عَلَّقَ عِتْقَهُ بِوِلَادَتِهِ وَلَا يُقَالُ فَهَلَّا كَانَ وَلَدًا فِي حَقِّ الثَّانِي حَتَّى لَا يَعْتِقَ قُلْنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ حَقِّ الثَّانِي أَنْ لَا يَعْتِقَ وَإِنَّمَا حَقُّهُ أَنْ يَعْتِقَ، وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِمَا فِي بَطْنِ هَذِهِ فَوَلَدَتْ حَيًّا وَمَيِّتًا كَانَ جَمِيعُ الْوَصِيَّةِ لِلْحَيِّ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِك ذَكَرًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً لَا تَعْتِقُ لِأَنَّ كَلِمَةَ "مَا" عَامَّةٌ فَتَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ مَا فِي بَطْنِهَا ذَكَرًا.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ فَقَبِلَ الْعَبْدُ ذَلِكَ عَتَقَ وَلَزِمَهُ الْمَالُ وَإِنْ قَالَ: إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ صَحَّ وَلَزِمَهُ الْمَالُ وَصَارَ مَأْذُونًا) هَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ أَوْ بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفًا أَوْ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك أَلْفًا أَوْ عَلَيَّ أَلْفٌ تَجِينِي بِهَا فَقَبِلَ الْعَبْدُ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ وَعَتَقَ فِي الْحَالِ وَعَلَيْهِ أَلْفٌ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِهَا بِخِلَافِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ مَعَ الْمُنَافِي وَهُوَ قِيَامُ الرِّقِّ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَقَبِلَ فِي الْمَجْلِسِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ قَامَ مِنْ الْمَجْلِسِ لَا يَصِحُّ قَبُولُهُ وَإِطْلَاقُ لَفْظِ الْمَالِ يَتَنَاوَلُ أَنْوَاعَهُ مِنْ النَّقْدِ، وَالْعُرُوضِ، وَالْحَيَوَانِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةُ الْمَالِ بِغَيْرِ الْمَالِ فَأَشْبَهَ النِّكَاحَ وَكَذَا الْمَكِيلُ، وَالْمَوْزُونُ إذَا كَانَ مَعْلُومَ الْجِنْسِ وَلَا يَضُرُّ جَهَالَةُ الْوَصْفِ لِأَنَّهَا يَسِيرَةٌ وَأَمَّا إذَا كَثُرَتْ الْجَهَالَةُ بِأَنْ قَالَتْ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى ثَوْبٍ فَقَبِلَ عَتَقَ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يُعَلِّقَ عِتْقَهُ بِأَدَاءِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَصِيرُ مَأْذُونًا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ وَإِذَا مَا أَدَّيْت أَوْ مَتَى أَدَّيْت أَوْ حَيْثُ أَدَّيْت فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِالْأَدَاءِ وَلَا يَعْتِقُ بِنَفْسِ الْقَبُولِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِشَرْطِ الْأَدَاءِ فَلَا يَعْتِقُ قَبْلَهُ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِدُخُولِ الدَّارِ وَإِنَّمَا صَارَ مَأْذُونًا لِأَنَّهُ رَغْبَةٌ فِي الِاكْتِسَابِ بِطَلَبِهِ الْأَدَاءَ مِنْهُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَمَا لَمْ يَقْبَلْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَيُؤَدِّ فِي الثَّانِيَةِ فَهُوَ مَمْلُوكٌ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَبِيعَهُ، وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ فِي الْأُولَى وَيُؤَدِّيَ فِي الثَّانِيَةِ بَطَلَ ذَلِكَ الْقَوْلُ وَكَانَ الْعَبْدُ رَقِيقًا كَمَا إذَا قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَحْضَرَ الْمَالَ أُجْبِرَ الْمَوْلَى عَلَى قَبْضِهِ وَعَتَقَ الْعَبْدُ) هَذَا رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ: إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ أَمَّا فِي قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ فَيَعْتِقُ بِالْقَبُولِ قَبْلَ أَدَاءِ الْمَالِ وَمَعْنَى الْإِجْبَارِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَفِي غَيْرِهَا أَنَّهُ يَنْزِلُ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ الْمَوْلَى مِنْ قَبْضِهِ، وَلَوْ أَدَّى الْبَعْضَ يُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى قَبْضِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ مَا لَمْ يُؤَدِّ الْكُلَّ لِعَدَمِ الشَّرْطِ فَإِنْ أَبْرَأهُ الْمَوْلَى عَنْ الْبَعْضِ أَوْ عَنْ الْكُلِّ لَا يَبْرَأُ أَوْ لَا يَعْتِقُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ، وَلَوْ أَدَّى الْعَبْدُ الْمَالَ مِنْ مَالٍ اكْتَسَبَهُ قَبْلَ هَذَا الْقَوْلِ عَتَقَ وَكَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ لِأَنَّ شَرْطَ الْعِتْقِ وُجُودُ الْأَدَاءِ وَقَدْ وُجِدَ فَعَتَقَ بِهِ وَإِنَّمَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ لِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ مَالُ الْمَوْلَى فَإِذَا أَدَّاهُ صَارَ كَأَنَّهُ أَدَّى مَالًا مَغْصُوبًا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: الْأَدَاءُ فِي قَوْلِهِ إنْ أَدَّيْت يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ لِأَنَّهُ تَخْيِيرٌ لِلْعَبْدِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ إنْ شِئْت فَيَقِفُ عَلَى الْمَجْلِسِ.
وَفِي قَوْلِهِ: إذَا أَدَّيْت لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ لِأَنَّ إذَا تُسْتَعْمَلُ لِلْوَقْتِ بِمَنْزِلَةِ مَتَى قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ إذَا قَالَ: أَدِّ إلَيَّ أَلْفًا أَنْتَ حُرٌّ عَتَقَ فِي الْحَالِ أَدَّى أَوْ لَمْ يُؤَدِّ وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك أَلْفٌ عَتَقَ فِي الْحَالِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إنْ قِيلَ عَتَقَ وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَا يَعْتِقُ وَإِنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي أَرْبَعَ سِنِينَ فَقَبِلَ عَتَقَ وَلَزِمَهُ أَنْ يَخْدُمَهُ أَرْبَعَ سِنِينَ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْخِدْمَةِ بَطَلَتْ الْخِدْمَةُ وَعَلَى الْعَبْدِ قِيمَةُ نَفْسِهِ عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ قِيمَةُ خِدْمَتِهِ أَرْبَعَ سِنِينَ وَإِنْ كَانَ قَدْ خَدَمَهُ سَنَةً ثُمَّ مَاتَ فَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ قِيمَةِ نَفْسِهِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ قِيمَةُ خِدْمَةِ ثَلَاثِ سِنِينَ وَكَذَا لَوْ مَاتَ تَرَكَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ مَالًا يُقْضَى فِي مَالِهِ بِقِيمَةِ نَفْسِهِ لِمَوْلَاهُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بِقِيمَةِ الْخِدْمَةِ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ بَاعَ الْعَبْدَ مِنْ نَفْسِهِ بِجَارِيَةٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمَوْلَى بِقِيمَةِ نَفْسِهِ وَعِنْد مُحَمَّدٍ بِقِيمَةِ الْجَارِيَة، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ وَحُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّه بَطَل الِاسْتِثْنَاء وَعَتَقَ الْعَبْدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ وَقَعَتْ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي لَغْوٌ فَفَصَلَ بَيْنَ الْحُرِّيَّةِ، وَالِاسْتِثْنَاءِ كَالسُّكُوتِ وَعِنْدَهُمَا الِاسْتِثْنَاءُ جَائِزٌ وَلَا يَعْتِقُ لِأَنَّهُ كَلَامٌ وَاحِدٌ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ لِلَّهِ إنْ شَاءَ اللَّه، وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ فَقَالَ: أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ عَتَقَ كُلُّهُمْ لِأَنَّ أَحَدَهُمْ عَتَقَ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ ثُمَّ أَوْقَعَ الْعِتْقَ الثَّانِي عَلَى عَبْدَيْنِ فَعَتَقَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَبْقَ إلَّا وَاحِدٌ فَيَعْتِقُ بِاللَّفْظِ الثَّالِثِ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُكُمْ حُرٌّ أَحَدُكُمْ حُرٌّ أَحَدُكُمْ حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ إلَّا وَاحِدٌ لِأَنَّ أَحَدَهُمْ عَتَقَ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدَيْنِ.
فَقَالَ: أَحَدُكُمْ حُرٌّ فَلَمْ يَعْتِقْ بِاللَّفْظِ الثَّانِي، وَالثَّالِثُ حُكْمٌ لِأَنَّهُ صَادِقٌ فِيهِ.